نتقدم من حزب الكتائب اللبنانية بداية بصادق المواساة، ليس فقط لأنه خسر سجعان القزي عضواً في عديده، بل لأنه خسره رائداً ومرجعاً في مجالي علوم الفلك والرياضيات.
لم يحتج سجعان قزي إلى أكثر من سنتين ونصف سنة ليكتشف أن كلاً من أسابيع السنة، من دون استثناء، يضم سبعة أيام، ليس بينها سوى أحد واحد أحد.
وعليه استعان بالقدرات المحاسبية لوزارة المالية لتطوير اكتشافه، فضرب الحد الأدنى الشهري للأجور، أي 675 ألف ليرة بـ12 شهراً، فحصل على القيمة السنوية للحد الأدنى للأجر الشهري، أي 8 ملايين و100 ألف ليرة، من جهة أولى، وعدّ أيام الآحاد في السنة بقسمة 365.25 يوماً على 7، فإذا بعددها 52.17، واستثنى الآحاد، فإذا بعدد باقي أيام الأسبوع في السنة يبلغ 313.07 يوماً، من جهة أخرى. وعندها قسّم القيمة السنوية للحد الأدنى للأجر الشهري على عدد أيام السنة ما عدا الآحاد، فكانت النتيجة 25 ألفاً و873 ليرة. واعتبر أن هذا المبلغ يمثل الحد الأدنى للأجر اليومي، فقارنه بما ورد في المرسوم رقم 7426 تاريخ 25/1/2012 في مجال تعيين الحد الأدنى للأجر اليومي، أي 30 ألف ليرة، وتبين له الفرق، فقرر تصحيح الخطأ وتخفيض الحد الأدنى للأجر اليومي من 30 ألف ليرة إلى 26 ألفاً، متكارماً بمئة وسبع وعشرين ليرة، كافأه الله.
من دون الانتقاص من فضل المخترع، تجدر الإشارة إلى دور معين لوزارة الطاقة والمياه في سنة 2012، على الأرجح خلال تولي جبران باسيل لمسؤوليتها، حيث أرسلت "كتباً"، كان لها على ما روي فضل بثّ الشك منذ ذلك التاريخ المبكر.
كان للاكتشاف وقع الصاعقة. مراجع العلم والفقه درسته وراحت توافق عليه تباعاً، من الفاتيكان إلى الأزهر إلى هيئة التشريع والاستشارات إلى مجلس شورى الدولة.
وانقسم الوزراء إلى فريقين:
فريق أول من وزراء كانوا قد ارتكبوا الخطأ ووافقوا على المرسوم الذي تضمنه، فسقطوا في غياهب الضلال، لكنهم اهتدوا لما بانت أمامهم الحقيقة ساطعة، فأجرهم مضاعف، يجلسون في مقاعد بلكون في الجنة، وهم سمير مقبل وعلي حسن خليل ووائل أبو فاعور ومحمد فنيش وحسين الحاج حسن وجبران باسيل.
وفريق ثان من الوزراء اعترفوا بالاكتشاف المبين فور عرضه عليهم، ويجلسون في مقاعد الأوركسترا في الجنة، وهم تمام سلام وأكرم شهيب وبطرس حرب وأرثور نظريان وغازي زعيتر وميشال فرعون ونبيل دي فريج ورشيد درباس ورمزي جريج وأليس شبطيني ومحمد المشنوق وعبد المطلب الحناوي والياس بو صعب وريمون عريجي.
وبقي فريق من ثلاثة وزراء غائبين عن الحدث: أشرف ريفي بصفتيه، المستقيل وغير المستقيل، ونهاد المشنوق وآلان حكيم.
ولكن الحرص على العلم لم يمحُ الرفق والحنان من قلوب هؤلاء المسؤولين جميعاً، فقرروا ألا يجروا التصحيح إلا بدءاً من تموز 2016، أي من دون مفعول رجعي عن السنوات الأربع والنصف التي استفاد خلالها العمال المياومون والعاملات المياومات من كسب غير مشروع، جازاهم الله.
ماذا نقول أمام هذا المشهد المهين؟
إن المعاهدات الدولية لا تجيز تخفيض الأجور؟ إن القانون لا يجيز للحكومة التدخل في الأجور إلا وفق مؤشرات الغلاء ومستلزمات العيش الكريم؟ إن الأجر اليومي ليس شكلاً مختلفاً لتسديد الأجر الشهري بحيث يكون الأجر اليومي حصيلة قسمة الأجر الشهري على أيام الشهر، بل هو يقوم على علاقة عمل مختلفة بطبيعتها عن علاقة العمل المستقرة؛ فالعامل المياوم لا يقبض أجراً إلا عن الأيام التي يستأجر أحد قوة عمله فيها، فيعمل خلالها، وهي علاقة لا تؤمن للعامل المياوم (الفاعل أو اللفاية...) أي دخل، ليس عن الآحاد بل عن كل أيام العطل الرسمية، ولا تمنحه إجازة سنوية مدفوعة الأجر، ولا تخوله، نظراً إلى تنقله بين أرباب عمل متعددين، الاستفادة من الضمان الصحي، فلا يجني أي دخل إذا مرض؟
لعل ما يجب قوله إن شرش الحياء قد طقّ كلياً وما من أحد عاد يستحي.